Welcome

Translate

Search in Quran

Search in the Quran
Search in the Quran:
in
Download Islamic Softwares FREE | Free Code/td>
www.SearchTruth.com

Search in Hadith

Search in the Hadith
Search: in
Download Islamic Softwares FREE | Free Code
www.SearchTruth.com

Label

Selasa, 6 Oktober 2009

عزيــز و عزيــــزة

(هذا الله يسلمچ)

اثنان من الإخوة اتفقا على أن يتزوج ابن أحدهما بنت الآخر. وسُمّي الولد "عزيز" والبنت "عزيزة. توفى والد عزيزة، ثم والدتها، وهي بعد صغيرة السن. فكفلها عمها وأسكنها بيته وشملها بعطفه ورعايته، فنشأت وترعرعت مع عزيز تحت سقف واحد إلى أن بلغا سن الرشد.

وعندئذ تحدث الأب مع ابنه حول الوفاء بالعهد القديم الذي قطعه على نفسه بتزويجه من ابنة عمه. وطلب منه الاستعداد للزواج. وحدد يوم الجمعة لإقامة العرس. وراح يدعو وجهاء البلد والأقارب والأصدقاء لحضور حفل الزواج، وهيأ الطعام للمدعوين بعد صلاة الجمعة.

غير أن عزيز، بعد أن خرج من المسجد عصر ذلك اليوم، قادته قدماه إلى وسط البلدة. وفيما هو يتجول في شوارعها ظهرت له صبية جميلة في نافذة أحد البيوت فخلبت لبه بجمالها، وأخذت تومئ له بيدها، ثم أخرجت مرآة صغيرة راحت تحركها في عدة اتجاهات فتلتمع. غير أنه لم يفهم مقصدهـــا. وظل منشغلاً بها ما تبقى من ساعات النهار. وعندما رجع إلى البيت كان المدعوون قد ملّوا الانتظار وانفضّ أكثرهم دون أن يتناولوا طعامهم أو يشهدوا عقد القران.

كان عزيز في غاية الحرج عندما وصل إلى البيت. وتحمل التأنيب والتقريع من والده على إهماله وذهوله عن حفل زواجه. وتذرّع بحجة واهية زاعماً أنه جلس في أحد الأركان في وسط البلد ليستريح فأخذته سِنَةٌ من النوم ولم يتنبه إلا بعد فوات الأوان. غير أنه - رغم ذلك - لم يستطع كتمان الأمر عن عزيزة. فصارحها بما حدث معه. فقالت له:

يبدو لي أن هذه الصبية قد وقعت في هواك يا عزيز، والإشارات التي أصدرتها لك بمرآتها تعني أنها تود لقاءك بعد الغروب في يوم غد.

ولما كان الغد ذهب عزيز في الموعد المحدد إلى المكان نفسه وانتظر، فظهرت له الفتاة من النافذة وفي يدها بيضة ظلت تحركها يمنة ويسرةً

حتى حل الظلام، ثم أغلقت النافذة وظلت بالداخل. فعاد عزيزمهموماً إلى البيت وحكى لعزيزة ما حدث ، ففسرت له معنى البيضة التي ظلت تحركها الفتاةبأن موعد اللقاء سيكون في الخربة المهجورة.

في اليوم التالي ذهب عزيز لملاقاة الفتاة في الخربة المهجورة. وما أن دخلها حتى وجد مائدة وُضعت عليها أنواع الأطعمة الشهية وإلى جانبها فِراش تفوح منه رائحة المسك والعنبر. فجلس وأكل حتى شبع ولعبت برأسه روائح الطعام والعطور المنبعثة من المكان، واضطجع ليستريح فغلبه سلطان النوم. وعندما جاءت الصبية ووجدته على هذه الحال، رجعت من حيث أتـت. واستيقظ عزيز، ولما لم يجد الفتاة حنق على نفسه وعاد خائباً إلى البيت. وفي صباح اليوم التالي ذهب الى نفس المكان ليستطلع الأمر، فأظهرت له اشارة أخرى. فعاد وأخبر عزيزة بما حدث، فقالت له:

إن ذلك يعني أن الفتاة تنتظرك في اليوم التالي تحت شجرة في بستان.

وفي الموعد المحدد في البستان تكررت الواقعة نفسها. إذ وجد عزيز سريراً وبجواره الطعام والفراش المعطر فأكل وانتشى وتخدر وغفى. وعندما أفاق كانت الفتاة قد حضرت ووجدته نائماً، فوضعت كرة وسوطاً بجواره وعادت أدراجها دون أن يراها أو يحادثها.

رجع عزيز إلى البيت وقـــد ضاق صدره ونفد صبره مما يلاقي من الفتــاة. وشكى همّه لابنة عمه عزيزة. فوعدته بأن تدبر له في الغد حيلة تجعله يغالب النوم بعد أن يتناول الطعام، فيبقى يقظاً متنبهاً لئلا يفوته لقاء الفتاة المراوغة عندما تجئ. وكانت عزيزة تأمل من وراء مساعدتها لعزيز أن يكتشف حقيقة البنت المخادعة وينثني عن غيِّه ويعود إلى رشده.

في اليوم التالي وقبل أن يتوجه عزيز إلى اللقاء المنشود وضعت عزيزة في جيبه كيساً مليئاً بالحشرات اللاسعة، وطلبت منه أن يفتحه حالما ينتهي من طعامه. ففعل. وعندما بدأ النعاس يغالبه بعد أن تناول الوجبة الشهية وعَبَقَ المكان بالطيوب الفّواحة من الفراش، فتح الكيس وأبقاه في جيبه فانطلقت منه الحشرات، وراحت تلسعه في جميع أنحاء

جسمه لسعات خفيفة فظل في يقظة كاملة. وما أن أطلت الفتاة حتى أمسك بها فوجدها زينب بنت دليلة المحتالة. ولم يملك إلا أن يصارحها بحبه وطلب منها الزواج فوافقت على الفور.

تزوج عزيز من الفتاة، وكان من عادته بعد زواجه من زينب أن يزور ابنة عمه بين الفينة والفينة. فلاحظ أنها كانت تذبل وتزداد شحوباً كل يوم مما تعانيه بعد أن سارت الأمور على غير ما كانت تقدِّر.

وذات ليلة أنشدته زينب بيتاً من الشعر يقول:

ألا أيها العشاق بالله خَبِّروا

اذا حلَّ عشقٌ بالفتى كيف يصنعُ ؟

فاحتار عزيز في تفسير البيت، ولم يجِد جواباً. وذهب في الغداة إلى عزيزة وأنشدها البيت. فردت عليه قائلة:

يداري هواه ، ثـم يكتم سرَّه

ويصبــر في كل الأمور ويخضعُ

عاد عزيز إلى زوجته وأنشدها البيت. فتعجبت من فطنته. ولما كان الصباح قالت له قبل أن يخرج من البيت:

فكيف يداري والهوى قاتل الفتى

وفي كل يوم قلبُه يتقطّـعُ ؟

لم يجبها عزيز بشئ وفي طريق عودته إلى البيت، عرّج على ابنة عمه وأنشدها بيت زوجته. فأجابته قائلة:

اذا ما لَهُ صبرٌ بكتمان سـرِّهِ

فليس له شئ سوى الموت أنفعُ

وطلبت منه أن ينشد زوجته هذا البيت من الشعر في الصباح قبل أن

يغادر المنزل. ففعل. وظلت زينب واقفة بالباب وقد ساورها القلق وداخلتها الهواجس مما يعنيه هذا الشعر.

وفي طريق عودة عزيز إلى البيت مر على ابنة عمه وحادثها فقالت له:

سمعنا، أطَعْنا، ثـم مِــتْنا، فبلغوا

سلامي على من كان بالوصل يمنعُ

فعاد إلى زينب وأنشدها ما سمعه من ابنة عمه، فاستوقفته زينب وتشبّثت به تستوضحه ما يقصده من هذا البيت، وسألته عمن أنشده إياه، فقال لها:

هذا البيت والأبيات الأخرى التي رويتها لك رداً على أبياتك إنما هي من نظم ابنة عمي عزيزة. وقد كانت خطيبتي منذ الصغر إلا أنني صادفتك في اليوم الذي كان محدداً لزواجنا. فكان ما كان. وعندما كاشفتها بتعلقي بك، ساعدتني في الوصول إليك والتعرف بك، وكانت هي التي تفسر إشاراتك لي. ولم تجد بعد زواجنا وسيلة تبوح بها بسرها إلا بنظم الألغاز الشعرية.

استمعت زينب لما قاله عزيز وتولاَّها الغضب والحسرة. إلا أنها تذكرت البيت الأخير الذي أنشدها إياه بعد عودته إلى المنزل فصاحت به:

كان يجدر بك أيها المغفل أن تخبرني بأمرك مع عزيزة قبــل أن نتزوج! لقد كانت تحبك قبلي وظلت على وفائها لك بعد أن تزوجْتَني وخنت عهدك معها. إن بيت الشعر الأخير ينذر بشرّ مستطير، فاذهب الآن وانظر ماذا جرى لها.

انطلق عزيز مذعوراً إلى عزيزة يستطلع الخبر. وما أن اقترب من الحي حتى شاهد جمعاً من الناس يسيرون في جنازة والنساء يبكين. فاندفع الفتى الملتاع يسأل الناس فأبلغوه أنهم يحملون جثمان ابنة عمه عزيزة إلى مثواه الأخير.

راح عزيز ينتحب ويلوم نفسه على ما سبّبه لعزيزة. وعاد إلى بيته حزيناً كسير الخاطر. وقبل أن يجتاز عتبة الباب برزت له زينب مهددة متوعدة: لن تدخل هذا البيت بعد اليوم يا عديم الوفاء. إن من يخدع ابنة عمه ويخون عهده معها لابد أن يخدع غيرها في المستقبل!

وراحت تعنفه وتنهره. وأمرت الخادم أن يمنعه من دخول البيت. فاستدار عزيز، وهام على وجهه لا يلوي على شئ وقد استبد به الألم في وقت لا ينفع فيه الندم.

0 ulasan: